وسط سكون صحراء الداخلة الشاسعة، حيث ترسم الكثبان الرملية لوحة ذهبية متموجة، تشق نجوى عوان، بطلة كرة المضرب البارالمبية المغربية، طريقها بعزيمة لا تلين في النسخة الحادية عشرة من “لحاق الصحراوية”، هذا التحدي النسوي متعدد الرياضات الذي يحول كل خطوة إلى نموذج للشجاعة والصمود.
متحدية حرارة الصحراء وتضاريسها الوعرة، تواصل البطلة البارالمبية مسيرها بثبات، متكئة على رجل اصطناعية، لتتبادل مع رفيقاتها في هذا اللحاق ابتسامة صادقة ونظرات تضامن تختصر كل الكلمات.
وفي هذا اللحاق الذي يمتحن حدود التحمل والإرادة، تتخطى نجوى دور المتنافسة لتصبح رمزا لتجاوز المستحيل، مؤكدة أن أصعب التحديات ليست سوى فرصة سانحة لتحقيق النصر.
وتقول نجوى في هذا الصدد: “كان الجانب التضامني دافعي الأول للمشاركة في هذه المغامرة؛ فمشهد النساء القادمات من مختلف أنحاء العالم، وهن يدعمن بعضهن رغم المنافسة، ترك في نفسي أثرا عميقا”.
وتتجاوز هذه التظاهرة مجرد الأداء الرياضي لتجسد رسالة أعمق؛ وهي أن المستحيل وهم يتبدد أمام الإرادة، فكل خطوة تخطوها نجوى تعد تتويجا لقوة داخلية تدفعها نحو آفاق جديدة.
وأضافت “بصفتي شخصا في وضعية إعاقة، لطالما شعرت بحاجة عميقة لتجاوز الحدود المفروضة علي ومواجهة التحديات، وإثبات أن لا شيء مستحيل حقا، حتى عندما نواجه معيقات جسدية”.
وبالنسبة لهذه الرياضية الشابة عالية المستوى، التي فقدت ساقها في حادث مأساوي في سن التاسعة، فإن الهدف يتمثل بالأساس في تحقيق الذات، والمشاركة في مغامرات غالبا ما ينظر إليها على أنها غير مفتوحة أمام الأشخاص في وضعية إعاقة.
وقد اختارت هذه الرياضية خلال هذه السنوات ألا تدع هذا التحول يحطم أحلامها وطموحاتها، بعدما اكتشفت نجوى، في سن الرابعة عشر، الرياضة البارالمبية لتنطلق في مغامرة جديدة قادتها بعد سنوات قليلة إلى الألعاب البارالمبية في طوكيو 2020 وباريس 2024.
وأوضحت نجوى: “لم أفكر قط في أنني سأتمكن من ممارسة الرياضة مجددا بعد الحادث”، غير أن العزيمة والشغف اللذين يحركانها منذ الصغر رسما لها مسارا مختلفا؛ فمسارها وإنجازاتها دليل حي على أن كل المعيقات قابلة للتجاوز إذا ما توفرت الإرادة اللازمة.
ومن خلال تمثيلها لجمعية “فتح تمارة لرياضة الأشخاص في وضعية إعاقة” في هذا الحدث متعدد الرياضات، تطمح نجوى إلى دعم الرياضيين الناشئين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مسيرتهم نحو الرياضة الاحترافية.
ويمثل “لحاق الصحراوية 2025″، الذي تنظمه “جمعية لاغون الداخلة” إلى غاية 8 فبراير الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، دعوة لتخطي الحدود وتجاوز التحديات وسط المناظر الساحرة لمدينة الداخلة.
كما تحول هذا الحدث، بعد عقد من النجاحات، من مجرد حدث رياضي إلى مناسبة لتكوين روابط مشتركة بين نساء متضامنات، تتجاوز الحدود والتخصصات للنهوض بقيم التقاسم والتآزر.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.