بعد نحو ثلاثة عقود من القطيعة، احتضنت العاصمة الروسية موسكو، اليوم الجمعة، أول لقاء بين الوفدين التركي والأرميني لتطبيع العلاقات بين الجانبين.
ومن المتوقع أن يتفق الجانبان على خارطة طريق لمسار التطبيع، ويبحثا مواقفهما بهذا الخصوص، بهدف الدخول في محادثات مباشرة بلا وسيط ولا شروط مسبقة، يمكن أن تثمر نتائج ملموسة وسريعة التطبيق.
وشكلت الجلسة الأولى فرصة لجس النبض واستكشاف حجم الهوة بين مواقف البلدين، وكذا مدى المرونة التي يرغب كل منهما في ابدائها للطرف الآخر لتخطي خلافات الماضي.
وفي إطار عملية الحوار بين البلدين، وبعد عدة اتصالات غير معلنة، التقى السفير السابق لدى واشنطن سردار قليج ممثلا خاصا لتركيا، بنائب رئيس البرلمان الأرميني روبن روبينيان، اليوم في موسكو، واستمر اللقاء لمدة ساعة ونصف.
وفي 13 دجنبر الماضي، تحدث وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في كلمة أمام البرلمان، عن بدء صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا وأرمينيا.
وحسب محللين سياسيين، فإن جلسات الحوار بين البلدين وإن لم تكن الأولى إذ سبق أن م نيت جلسات سابقة بالفشل، لاسيما التي جرت سنة 2009، والتي كانت قريبة من تحقيق تقارب بين البلدين، إلا أن فرص التوصل إلى اتفاق بين أنقرة ويريفان تبقى أكبر من أي وقت مضى، وبالأخص إذا تم النظر إليها من زاوية المصالح الاقتصادية الآنية.
واعتبروا أن فرص التقارب تعززها رغبة تركيا في تحقيق انفتاح إقليمي ومصالحة شاملة، وأيضا رغبة يريفان في الاستفادة من تعاون اقتصادي مع تركيا وفك العزلة الجغرافية وأيضا الافلات من قبضة النفوذ الروسي المسيطر على كل مفاصل البلاد، لاسيما مع حكومة أرمينية توصف بقربها من الغرب.
وسجلوا أن كل المؤشرات تؤكد أن أنقرة ليست متمسكة بخيار القطيعة وإغلاق الحدود مع أرمينيا، على اعتبار أنها تولي منطقة جنوب القوقاز ووسط آسيا عموما أهمية بالغة بالنظر إلى مكانتها الجيو-استراتيجية، وتسعى لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بينها وبين دول هذه المنطقة، وتنشيط حركة وخطوط النقل البرية والجوية.
وأوضحوا أن تركيا تبدو أكثر اهتماما بالتطبيع مع أرمينيا بموجب الخطة “3+3” التي اقترحتها سابقا، وهي عبارة عن منتدى إقليمي يتألف من دول جنوب القوقاز وجيرانها (أرمينيا وأذربيجان وجورجيا)، إضافة إلى إيران وروسيا وتركيا.
أما أرمينيا، يوضح هؤلاء، فهي في حقيقة الأمر أكثر حاجة من أنقرة إلى تطبيع العلاقات، بسبب وضعها الاقتصادي المتدهور، والذي زداد سوءا بتداعيات جائحة “كورونا” من جهة، وخسارتها الحرب في كاراباخ أمام أذربيجان من جهة أخرى.
كما تدرك أرمينيا أن إحياء علاقاتها مع تركيا سيعيد تنشيط القطاع السياحي والتجاري، وينعش اقتصادها المتدهور، خاصة من خلال إعادة تنشيط خطوط النقل البرية بين مدن البلدين.
وسجلوا أن ما يمكن أن يهدد هذه المحاولة ويجعلها تواجه مصير سابقاتها، يتمثل في مسألة “إبادة الأرمن” التي قد تعيق بالفعل خطوات التطبيع بين البلدين.
وكانت أنقرة ويريفان قد عينتا المبعوثين في منتصف دجنبر الماضي، تمهيدا للتطبيع وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، إذ أنه لم تقم كل من تركيا وأرمينيا يوما علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، وحدودهما البرية مقفلة منذ عام 1991.
ومن بوادر التقارب، أعلنت أنقرة استئناف الرحلات المباشرة بين العاصمتين المتوقفة منذ 2020، ولكن دون تحديد موعد لذلك، بينما رفعت أرمينيا منذ الأول من يناير الجاري، حظرا على البضائع التركية وضعته منذ عام.
وحصلت شركة الطيران الأرمنية “فلاي ون أرمينيا” على إذن من السلطات التركية لتسيير رحلات بين البلدين.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات الزوار
1ازداد وليس زداد