فب وقت ماتزال فيه الأزمة الدبلوماسية بين برلين والرباط قائمة منذ مارس الماضي، تعمل الحكومة المغربية على إبعاد نفسها عن شبهة التجسس على زعماء أوروبيين وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طفت على السطح مؤشرات أزمة أخرى مصدرها ألمانيا، وهذه المرة بعد تسريب دراسة سرية لأحد المعاهد المعتمدة من لدن الحكومة والبرلمان الألمانيين، تنتقد “تفضيل” الأوروبيين للمغرب وتوصي بتقليص الدعم المقدم له في المجال التنموي والاقتصادي، حتى لا يتفوق على باقي البلدان المغاربية وخاصة الجزائر.
وقام موقع “أتلانتكو” الفرنسي بنشر مضامين الدراسة مع الإشارة إلى كونها “مسربة” من طرف جهات ألمانية رغم كونها في الأصل دراسة سرية، وقد تولت نشرها إيزابيل فيرينفيلس، المسؤولة عن قسم الشرق الأوسط وإفريقيا بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية الموجود مقره في برلين، هذا الأخير الذي تخلص دراسته إلى ضرورة الحد من دعم البرامج التنموية ومخططات التنمية الاقتصادية المغربية لإحداث نوع من التوازن بينه وبين الجزائر وتونس ولمنع “هيمنته” على المنطقة المغاربية.
وحسب الدراسة، فإن المغرب “يتقدم بوتيرة أعلى من جارتيه الجزائر وتونس”، ففي الوقت الذي وقعت فيه تونس في “غياهب النسيان” وأصبحت “غير ذات أهمية”، تحاول الجزائر “التغلب على الصعوبات التي تواجهها واللحاق بالمغرب”، حسب لغة الوثيقة التي أبرزت أن المملكة “قد تفعل أي شيء لعرقلة هذا التقدم”، ولذلك، فإن المعهد الألماني يرى أن ما يحدث يمثل “اختلالا في توازن المنطقة المغاربية”، في ظل أن الدول الأوروبية تحاول العمل مع البلدان المغاربية بشكل فردي.
ولا تعد هذه الدراسة وثيقة رسيمة، لكنها تسمد قوتها من الجهة التي أصدرتها، فالمعهد الألماني للشؤون الدولية والسياسية يعد هيئة استشارية رئيسية للبرلمان الألماني كما أن دراساته وتوصياته يجري تبنيها من طرف المسؤولين الحكوميين والمؤسسات السياسية في ألمانيا، ويتزامن التسريب مع فرنسا لتولي الرئاسة الدولية للاتحاد الأوروبي في يناير من سنة 2022، في الوقت الذي اتهمت فيه وسائل إعلام المغربَ بالتجسس على رئيسها ومسؤوليها الحكوميين.
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.