وقف بـ”دار أبجاو” بجماعة اخميس بني اعروس، بإقليم العرائش، مجموعة من أطفال القدس المشاركين في الدورة الثالثة عشرة من المخيم الصيفي الذي تقيمه وكالة بيت مال القدس الشريف، للترحم على روح واحد من قادة المجاهدين المغاربة الذين ناصروا صلاح الدين الأيوبي لفتح القدس، وهو الحاج أبو عمران موسى الرضا ابن مشيش، المتوفى عام 612 هجرية.
وقدمت لمجموعة أطفال القدس، التي ضمت أطفالا فلسطينيين من أصول مغربية، من المشاركين في المخيم المقام تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بالمغرب في الفترة ما بين 12 و26 غشت الجاري، دروس عن مظاهر ارتباط المغاربة بالقدس، وجهادهم لنصرة المدينة وحماية مقدساتها، منذ ما يزيد عن ألف عام، من خلال سيرة الحاج موسى الرضا، شقيق القطب الولي الصالح مولاي عبد السلام ابن مشيش، دفين “جبل العلم”.
وقدم الباحث بلال الدهية، المتخصص في العلاقات بين المغرب والشام، في حلقة نظمت افتتاح الدرس التاريخي برحاب دار الفنون والصنائع بتطوان، لمحة عن صلات المغاربة مع الشام، من خلال مؤلفه “مغاربة الشام”، الصادر عن “بيت الحكمة” سنة 2018، أبرز فيها مراحل تشكل الوجود المغربي في سوريا والأردن وفلسطين.
وركز الباحث الدهية على حضور المغاربة في بيت المقدس، من خلال الوثائق والشواهد والآثار القائمة إلى يومنا هذا، ومنها ما تم توثيقه في دراسة “مغاربة بيت القدس”، التي صدرت ضمن منشورات وكالة بيت مال القدس الشريف عام 2020.
واستعرض الأستاذ بلال الدهية مساهمة المغاربة في حماية المدينة المقدسة، وقد انتقلوا إليها مجاهدين، وعلماء، وحجاجا، وطلاب علم، واندمجوا مع نسيج أهل البلاد، وتبوؤوا فيها أعلى المراتب في أسلاك التعليم والقضاء، حتى بات يضرب بهم المثل في المروءة والزهد والوفاء والإخلاص، ما جعلهم يتمتعون بحظوة خاصة في المدينة.
من جهته، قدم الأستاذ عبد السلام الجعماطي، أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، للأطفال ومؤطريهم نبذة تاريخية مركزة عن أطوار من حياة الحاج موسى الرضا بن مشيش في مكة المكرمة، التي قدم إليها من المغرب ومكث فيها اثني عشر عاما.
واستطرد الأستاذ الجعماطي معددا خصال الرجل، الذي انتقل مع المجاهدين المغاربة للانضمام لجيوش المسلمين في معركة حطين سنة 583 هجرية، فتميز بالشجاعة والإقدام، حتى قربه الناصر صلاح الدين، وجعله قائدا على فصيل قومه من المجاهدين المغاربة لفتح القدس.
أما بشار أبو شمسية، باحث متخصص في تاريخ القدس، منسق المخيم الثالث عشر، فأعرب من جانبه عن اندهاشه من قيمة هذا الدرس التاريخي، الذي تلقاه مع أقرانه في المدارس والجامعات الفلسطينية، قبل أن يشهده مجسدا على الطبيعة، على بعد آلاف الكيلومترات من فلسطين.
وعبر الباحث عن مدى الأثر الذي سيتركه هذا الدرس في نفوس هذه المجموعة من الأطفال، الذين كتب لهم الانتقال إلى هذا “المقام العالي”، الذي تتجسد فيه عظمة هذا البلد ورجالاته، ممن تكبدوا عناء الانتقال كل هذه المسافات لنصرة القدس وأهلها الصامدين.
وتابع المتحدث ذاته: “اليوم، نصل الماضي بالحاضر. هؤلاء أطفال من القدس، من بينهم أطفال من أصول مغربية، يقفون على ضريح رمز من رموز الجهاد لتحرير مدينتهم. هذه صور بليغة وليست من الخيال عن معاني التضحية والإيثار، لن ننساها أبدا”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.